نقلا عن مقال محمود سلطان-المصريون 28/1/2006
السلطات المصرية ساندت نعمان جمعة ..! وهي المساندة التي طرحت سؤالا بشأن لماذا لم تساند إبراهيم شكري في أزمة حزب العمل و لا غيره من رؤساء الاحزاب الاخرى ؟!النظام بالتأكيد لم يحب جمعة و يكره إبراهيم شكري .. فالمسألة ليست مسألة حب و كراهية .. و إنما مسألة "سيناريو" إذا ترك له الحبل على الغارب أو ان يتطور بعفوية ، فإنه سيفتح العيون و الشهية على أن يمتد ليصيب الجماعات السياسية المصرية و على رأسها الحزب الوطني .. "شبيه الوفد" في كل شئ تقريبا.
فالوفد شهد ثلاثة رؤساء قبل جمعة : سعد زعلول و النحاس باشا و فؤاد سراج الدين .. و الثلاثة ازيحوا من على الكرسي ليس من خلال حراك سياسي داخلي و إنما من خلال التغييب القهري إذ غيب الموت زغلول و فؤاد سراج الدين فيما تغير النحاس باشا ، مع الغاء الأحزاب في مصر بعد ثورة يوليو عام 1952 و توفى قبل أن يعيد السادات الحياة الحزبية.
و الحزب الوطني .. شاء أو ابى .. هو امتداد حزب السلطة "الاتحاد الاشتراكي" تبدلت اسماؤه بينما ظل مضمونه على حاله باعتباره حزب النظام .. تعاقب عليه رئيسان قبل الرئيس مبارك .. و هما الراحلان عبد الناصر و السادات .. غيبهما الموت .. الطبيعي في حال الأول و القسري بالاغتيال في حال الثاني .. و ليس عن طريق حراك سياسي تغييري أو اصلاحي داخلي.
و الخطير في الأمر أن هذا التماثل يجعل من الوفد في صيغته الجديدة . حدثا وسابقة جديدة تغري أو على الاقل تسبب حرجا بالغا للجميع خاصة الحزب الوطني .. ويجعله عرضة لسيناريوهات مماثلة .. ولا ننسى أن قوى عربية واقليمية ودولية كانت تخشى أن يؤثر فوز الاخوان في الانتخابات البرلمانية الاخيرة على نتائج الانتخابات البرلمانية الفلسطينة .. ويشجع على فوز حماس "اخوان فلسطين" في الانتخابات و هو ما حدث فعلا .
لذا فإن مساندة النظام لجمعة .. كانت من قبيل قطع الطريق على أية محاولة جادة ترسي ثقافة جديدة لم تعرفها الاحزاب وقياداتها المسنة و المؤبدة .. فالمواجهة الحقيقية الآن ليست بين جمعة و اباظة أو بين الحزب و جمعة و انما بين الوفد و بين السلطة .. و هذه هي المشكلة التي ينبغي ان يعيها الجميع و هم يراقبون ومايجري داخل حزب الوفد .. فما يجري في الاخير هو صدى حقيقي لمخاوف حقيقية داخل النظام من ان تنتصر قوى الاصلاح و التغيير .. في اية تجربة سياسية مصرية خارجه .. فالنظام كما عهدناه دائما .. تقلقه كلمة تغيير و تفزعه دعوة اصلاح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق