١٢ ديسمبر ٢٠٠٥

سقوط الفقى

بقلم الدكتور حلمي محمد القاعود : بتاريخ 22 - 11 - 2005
القرار السيادي الذي قيل إنه كان وراء إسقاط الدكتور محمد جمال حشمت في انتخابات دائرة دمنهور ، يمثل مرحلة من الانحطاط غير مسبوقة في السياسة المصرية ، ويؤكد على رفض النظام للإصلاح الحقيقي ، والاستجابة للإرادة الشعبية التي تنشد الحرية والعدل والكرامة والمساواة .. لقد كان الفارق هائلا بين الأصوات التي حصل عليها حشمت وتصل إلى ما فوق الثلاثين ألف صوت بينما حصل منافسه على سبعة آلاف صوت في هزيمة مذلة ساحقة .. ولكن الأمر انقلب فجأة وتأخر إعلان النتيجة حتى تفرق الناس ، وتجمعت قوات القمع التي كانت تتفرق في بقية الدوائر لمواجهة ما يمكن أن يحدث من رد فعل حاد .. وقد وفر عليها حشمت في سلوك حضاري متقدم استقاه من روح الإسلام حين انصرف وصرف الناس تجنبا لغضب لايمكن السيطرة عليه ..لقد استسهل النظام قلب الحقائق وممارسة الظلم الصارخ دون أن يعبأ بإرادة الناس أو بالقانون أو العدالة ، وسبق له أن قام بإنجاح آمال عثمان بدلا من حازم صلاح أبو إسماعيل ، ويحيى وهدان بدلا من أيمن نور وسيواصل هذه البلطجة السياسية في الدورات القادمة من الانتخابات ، لأنه ينفذ منهجا ديكتاتوريا أنانيا انتقاميا ، لايتواني في التنكيل بمن يعارضونه عن حق ، ويثبتون في معارضتهم ولا يهتمون بالترهيب أو الترغيب ، وقد كان حشمت واحدا من المعارضة الصلبة التي "لاتماين " ولا" توالس" ، وهي معارضة تنصب على الفساد والانحراف ولا تتوقف عند القضايا الهامشية كما يدعى خدام النظام . لقد تصدي للفساد في المرافق الحكومية والسفارات المصرية في الخارج ووقف ضد الحيتان التي تعصف بالقانون والضمير جميعا .لقد ماطل القاضي المكلف بالإشراف على الانتخابات في إعلان النتيجة انتظارا للأوامر العليا التي أطاحت بالقيم الشريفة وأحلت مكانها قيم الإجرام والبلطجة التي لاتختلف كثيرا عما يفعله أولئك المأجورون الذين يحملون السنج والسيوف والسكاكين ويقودون الكلاب البوليسية ويقذفون الطوب والحجارة لإرهاب الناخبين وترويعهم وصرفهم عن أداء أصواتهم ..والسؤال هو : هل سيستمر ذلك إلى الأبد ؟ وهل سيمضى دون عقاب ؟ أعتقد أن هذا السلوك الشائن لن يستمر ولن يمضي دون عقاب ، فالشعب المظلوم يتأكد مع مطلع كل صباح أن النظام البوليسي الفاشي الذي يتحكم في رقابنا لن يأتي من ورائه أي خير ، بل هو ماض في فساده وإفساده ، مع عجزه المخزي أمام قوي الشر في الداخل ، وأمام قوي الهيمنة في الخارج ورضوخه المهين أمامها جميعا .. أما ذلك المنافس الذي صدع رءوسنا في الصحف والإذاعات المسموعة والمرئية عن الديمقراطية والحرية والنقاء والشفافية وغيرها من المصطلحات والشعارات ، ثم تأكد عقب الانتخابات من هزيمته الساحقة ، وقرأ في الصحف المسائية الحكومية خبر هزيمته الداوي ، فإن قبوله هذا النصر المسروق المزور قد أسقطه في عيون الجماهير كافة ، ومنها عيون مستخدميه الذي أصدروا الأوامر بإنجاحه . . فهم واثقون أن المرشح الذي أسقطوه يملك الكرامة والأخلاق والنفس العالية إن حشمت لم يسقط في الانتخابات ولكنه نجح فيما هو أهم منها وهو الرجولة .. وأنعم به من نجاح !

ليست هناك تعليقات: